{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)}قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} أي بالله وبمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {وَالَّذِينَ هادُوا} اليهود، وهم المنتسبون إلى ملة موسى عليه السلام. {وَالصَّابِئِينَ} هم قوم يعبدون النجوم.{وَالنَّصارى} هم المنتسبون إلى ملة عيسى. {وَالْمَجُوسَ} هم عبد ة النيران القائلين أن للعالم أصلين: نور وظلمة. قال قتادة: الأديان خمسة، أربعة للشيطان وواحد للرحمن.وقيل: المجوس في الأصل النجوس لتدينهم باستعمال النجاسات، والميم والنون يتعاقبان كالغيم والغين، والأيم والأين. وقد مضى في البقرة هذا كله مستوفى. {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} هم العرب عبدة الأوثان. {إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ} أي يقضي ويحكم، فللكافرين النار، وللمؤمنين الجنة.وقيل: هذا الفصل بأن يعرفهم المحق من المبطل بمعرفة ضرورية، واليوم يتميز المحق عن المبطل بالنظر والاستدلال. {إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} أي من أعمال خلقه وحركاتهم وأقوالهم، فلا يعزب عنه شيء منها، سبحانه! وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} خبر {إِنَّ} في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} كما تقول: إن زيدا إن الخير عنده.وقال الفراء: ولا يجوز في الكلام إن زيدا إن أخاه منطلق، وزعم أنه إنما جاز في الآية لان في الكلام معنى المجازاة، أي من آمن ومن تهود أو تنصر أو صبأ يفصل بينهم، وحسابهم على الله عز وجل. ورد أبو إسحاق على الفراء هذا القول، واستقبح قوله: لا يجوز إن زيدا إن أخاه منطلق، قال: لأنه لا فرق بين زيد وبين الذين، و{إن} تدخل على كل مبتدأ فتقول إن زيدا هو منطلق، ثم تأتي بإن فتقول: إن زيدا إنه منطلق.وقال الشاعر:إن الخليفة إن الله سربله *** سربال عز به ترجى الخواتيم